خطة الإصلاحات الاقتصادية في تركيا لتعزيز الاستثمار

ما هي أهمية الإصلاحات الاقتصادية ولماذا تحتاجها الدول؟

تمر اقتصادات دول العالم في دوراتها المختلفة بالعديد من المشكلات والأزمات الاقتصادية التي تكون نتيجة تغيرات مفاجئة حاصلة على تركيبة أو نمط السوق داخلياً أو حتى حدوث بعض المؤثرات الخارجية من أزمات سياسية أو اقتصادية عالمية أو أي خلل يحدث في مجال وقطاع مرتبط باقتصادات تلك الدول.

ومن أجل ذلك تحاول حكومات دول العالم المختلفة اتخاذ خطوات عملية تؤدي إلى بناء اقتصاد خاص بالبلاد بصفات أكثر مرونة واستجابة للصدمات والأزمات، كما أن الدول تلجأ بالعادة إلى طرح خطط بديلة والقيام بإجراء إصلاحات فورية أثناء متابعتها لسير اقتصاد البلاد فيما يسمى بإدارة الأزمات والتخفيف من حدتها وآثارها الجانبية، وذلك لكيلا يتم فقد التوازن في السوق وإضاعة المكتسبات الاقتصادية العامة.

وتتمثل أهمية الإصلاحات الاقتصادية التي تقوم بها الدول في هيكلها الاقتصادي العام بعدة مكتسبات أهمها، الحفاظ على الركائز الأساسية للاقتصاد مع تنشيط حركة الأسواق والاستثمار والعمل على رفع معدلات النمو والناتج الإجمالي للبلاد، بالإضافة إلى التخفيف من حدة الأزمات التي تؤدي إلى حدوث مشكلات اقتصادية عدة مثل التضخم والبطالة وغيرها، والتي بدورها تؤثر بشكلٍ مباشر على الأفراد وقدرتهم الشرائية وأوضاعهم الاقتصادية ومعدلات الرفاهية ومستوى المعيشة بالنسبة لهم.

وليس بالضرورة أن تلجأ الدول إلى الإصلاحات الاقتصادية بالنسبة إلى وضعها الاقتصادي عند حدوث مشكلات أو أزمات تؤثر بشكل سلبي على اقتصادها، وانما تعمل بعض الدول على تنفيذ خطوات إصلاحية في نظامها الاقتصادي بشكلٍ اعتيادي من أجل التحسين والرفع من كفاءة وأداء حركة المؤشر الاقتصادي العام في البلاد، وبالتالي تحافظ البلاد على مكانتها الاقتصادية العالمية بين الدول.

خطة الإصلاحات الاقتصادية في تركيا للسنوات الـ 5 المقبلة

يعتبر الاقتصاد التركي أحد الاقتصادات العالمية الناشئة، والذي حقق خلال العقدين الأخيرين معدلات نمو مرتفعة وضعت البلاد على قائمة الدول العشرين الاقتصادية، وجعلت الجمهورية التركية واحدة من أهم الدول الأساسية التي تقع على خارطة سلاسل التوريد والإنتاج العالمي.

وارتكزت تركيا في حركة انتعاشها الاقتصادي على دعائم أساسية تتميز بها البلاد، أهمها الموقع الجغرافي الاستراتيجي للدولة والذي يصل بين الشرق والغرب، ويتحكم في مضائق طبيعية تجارية عالمية مثل مضيقي البوسفور والدردنيل.

كما استندت تركيا على تطوير مشاريع البنية التحتية الخاصة بالبلاد من أجل توفير بيئة لوجستية متطورة وحديثة تجعل من الدولة محط أنظار المستثمرين من مختلف أنحاء العالم، حيث استثمرت تركيا في قطاع البنية التحتية وأنشئت الطرق والموانئ والسكك الحديدية والمطارات ضمن حزمة كبيرة من مشاريع الإصلاحات الاقتصادية التي تقوم بتنفيذها الحكومة التركية.

وكغيرها من الدول حول العالم فقد أدت الأزمات العالمية الأخيرة والآثار المترتبة عليها إلى حدوث بعض التأثيرات السلبية على النظام الاقتصادي التركي، مما أدى إلى رفع معدلات التضخم بالبلاد وانخفاض قيمة صرف الليرة التركية مقابل العملات الأجنبية كالدولار واليورو، وذلك على الرغم من ارتفاع معدلات النمو وحجم الصادرات والناتج القومي الإجمالي في إشارة إلى مدى مرونة الاقتصاد التركي ومتانة ركائزه الأساسية التي يتكئ عليها في جانب واخفاقاته وتأثره السلبي بالعوامل الخارجية في جوانب أخرى مما أدى إلى طرح خطة إصلاحات اقتصادية جديدة تبنتها الحكومة التركية لمدة خمس سنوات على أن تعالج فيها الثغرات التي ظهرت في اقتصاد البلاد خلال الآونة الأخيرة.

إقرأ المزيد عن : إقتصاد تركيا قبل وبعد أردوغان

وتمثلت أهم تلك الإصلاحات التي تم تناولها في الخطة الاقتصادية الجديدة في تركيا بما يلي:

الإصلاحات الهيكلية في المؤسسات التركية

تبنت الخطة الإصلاحية التي وضعتها الحكومة التركية نصب أعينها خلال الخمس أعوام القادمة ضرورة الإصلاح الهيكلي والإداري والتنظيمي في العديد من القطاعات والمؤسسات التي تلعب دوراً مهماً في حركة النمو الاقتصادي بالبلاد، حيث هدفت تلك الإصلاحات الهيكلية إلى احداث مرونة أكثر في حركة الاستثمار الداخلي والخارجي، وتسهيل الإجراءات الروتينية والتخفيض من حدة البيروقراطية المتجذرة في المؤسسات المعنية.

اقرأ المزيد عن  التضخم الاقتصادي في تركيا

وأهم تلك الإجراءات التي طالت المؤسسات الرسمية وغير الرسمية ما يلي:

تحرير السوق وتشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة

وذلك من خلال رفع حدة الرقابة والتدخل الحكومي في السوق الاقتصادي، واللجوء إلى نظام السوق الحر الذي يشتد فيه التنافس بين المستثمرين ويزيد من حركة التجارة والاقتصاد في البلاد، ويعمل على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر مما يرفع من حجم حركة الواردات الداخلة إلى تركيا من العملات الصعبة، ويزيد من فرص العمل ويرفع من الإنتاج المحلي.

 تطوير قطاعات الصناعة والخدمات

ركزت الحكومة التركية ضمن خطة الإصلاحات الاقتصادية التي تبنتها على ضرورة تطوير البنية التحتية في قطاع المصانع وتطوير وانشاء المجمعات الصناعية المختلفة، ومدها بالخدمات اللازمة لها مع الارتقاء بمستوى القطاع الخدماتي الحكومي من أجل تشكيل عامل جذب لكبرى الشركات العالمية لافتتاح خطوط انتاج ومصانع لها داخل البلاد.

 تحسين بيئة الأعمال وتبسيط الإجراءات

ضمن الإجراءات التي سيتم اتخاذها في عمليات الإصلاحات الهيكلية الخاصة بالمؤسسات التركية في ضوء الإصلاحات الاقتصادية بالبلاد، ستعمل الحكومة التركية على تسهيل وتبسيط الإجراءات المتعلقة بافتتاح المشاريع والأعمال، مع حزم من الدعم والتخفيض الضريبي.

السياسات المالية والنقدية لإصلاح الاقتصاد في تركيا

طالت الإصلاحات الاقتصادية التي تبنتها الحكومة التركية خلال خطتها المطروحة في الخمسة أعوام القادمة السياسات المالية والنقدية للبلاد، حيث تم انشاء فريق ذو خبرة دولية في رسم السياسات الاقتصادية وإدارة الأزمات المالية العالمية، اذ تم تعيين رئيس جديد للبنك المركزي التركي وكذلك وزيراً خبيراً للمالية والخزانة.

وأهم تلك الإصلاحات في السياسة المالية الجديدة للبلاد تتمثل بما يلي:

سياسات التحفيز الاقتصادي

تمثلت تلك السياسات بضرورة رفع مستوى التصنيف الائتماني المتوقع للـ إقتصاد التركي وحركة مؤشر النمو الخاص به، مع إمكانية التوقع والتخمين، وذلك من خلال اتخاذ قرارات تحفيزية وتشجيعية من أجل تشجيع وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاع البنوك والمصارف التركية.

مكافحة التضخم والاستقرار النقدي

عبر طرح سياسة التشديد النقدي من أجل رفع قيمة الاحتياطي النقدي الخاص بالبنك المركزي التركي، ومن ثم يتم ضبط سعر صرف الليرة التركية والسيطرة على معدلات التضخم في البلاد.

قد يهمك: أن تتعرف على واقع السياحة الحلال في تركيا

التحول الرقمي والابتكار في التكنولوجيا

تأتي مشاريع التحول الرقمي والتكنولوجي في القطاعات المختلفة في تركيا وتعزيز تلك الابتكارات والأنظمة ضمن أولويات خطة الإصلاحات الاقتصادية التي تتبناها الحكومة التركية خلال الأعوام القادمة، وذلك من أجل تسهيل الإجراءات الحكومية والتقليل من التكاليف المادية المتعلقة بتنفيذ تلك الإجراءات بشكلٍ تقليدي.

وتتمثل عمليات تعزيز التحول الرقمي والابتكار التكنولوجي في تركيا بما يلي:

دور التكنولوجيا في تعزيز النمو الاقتصادي

يعتبر قطاع التكنولوجيا أحد أهم القطاعات ذات القيمة المرتفعة عالمياً، حيث أن الصناعات التكنولوجية تعتبر من أكثر القطاعات التي تقوم برفع قيمة وحجم الواردات الخاصة بالدول والتي بدورها ترفع من قيمة الاقتصاد للبلاد، إذ تعمل الحكومة التركية على تعزيز مفهوم التحول التكنولوجي وتسخيرها في رفع حجم وكفاءة الإنتاج.

وأهم الإجراءات التي تستند إليها الحكومة التركية من أجل ذلك:

دعم الشركات الناشئة وتعزيز التكنولوجيا

تضع الحكومة التركية ضمن خطتها الإصلاحية خطوات جادة بشأن عمليات دعم الشركات التكنولوجية الناشئة ذات الأفكار الإبداعية والابتكارات، وتعزيز فرص نجاحها من خلال تبني تلك الأفكار ومنحها فرصاً حقيقية من أجل التطور والانطلاق.

 تعزيز التحول الرقمي في القطاع الحكومي

يأتي ذلك من خلال تطوير القطاع الخدماتي الحكومي، مما يعود بالفائدة على العمليات المتعلقة بتسهيل الإجراءات الحكومية وانجازها بأسرع وقت ممكن وأفضل الطرق المضبوطة.

ويؤدي ذلك إلى سرعة اتمام عمليات الاستثمار والإنتاج واعتمادها بشكلٍ قانوني مما له الأثر الإيجابي على تحسين أداء الاقتصاد بشكلٍ عام، ورفع كفاءة عمليات الإنتاج في البلاد.

التعليم وتطوير المهارات

وقفت الخطة الإصلاحية التي تتبناها الحكومة التركية بالنسبة لاقتصاد البلاد خلال الخمسة سنوات القادمة عند مسؤولياتها تجاه تطوير قطاع التعليم بشكلٍ عام، مع التركيز على التخصصات المهمة حسب متطلبات وحاجات السوق.

ومن أجل ذلك عمدت الحكومة على:

 تحسين نظام التعليم لتلبية احتياجات سوق العمل

وشملت عمليات تحسين جودة ومستوى التعليم في البلاد جميع المراحل الدراسية، بما فيها المراحل المتوسطة والتعليم الأكاديمي الجامعي ومرحلة الدراسات العليا وتطوير البحوث العلمية.

تعزيز التدريب المهني وتطوير المهارات الفنية

ترنو خطط الإصلاح الاقتصادي في تركيا إلى جعل البلاد دولة مهمة تتركز إليها الشركات والمصانع العالمية من أجل الاعتماد عليها في الإنتاج، وبالتالي تعمل الحكومة التركية على توفير الأيدي العاملة ذات الخبرة والمهارة المهنية التي تلبي جميع احتياجات السوق.

التكامل الاقتصادي الإقليمي والدولي

تلعب الجوانب الدبلوماسية والعلاقات الدولية في خطة الإصلاحات الاقتصادية التي تتبناها الحكومة التركية الحالية دوراً مهماً تعتمد من خلالها الحكومة على الاستفادة من العلاقات الوثيقة مع الدول الصديقة من أجل تبادل المصالح الاقتصادية بين البلدين.

وأهم تلك الركائز التي تتبناها الحكومة التركية:

الاتفاقيات التجارية وتأثيرها على الاقتصاد التركي

انشاء اتفاقيات تجارية وفتح أسواق جديدة أمام البضائع والمنتجات التركية، وتعزيز الاتفاقيات السابقة مع الدول من خلال رفع قيمة حجم التبادل التجاري وتحسين بنود الاتفاقيات وتطويرها.

تعزيز الروابط الاقتصادية مع الدول المجاورة والشركاء الدوليين

بناء سياسة تكامل اقتصادي بين الدول الشريكة من خلال روابط اقتصادية وثيقة مبنية على تبادل تجاري واضح يُلبي كل طرف احتياجاته من الآخر خاصة في القطاعات الحيوية والمهمة، مثل قطاع الطاقة والمواد الخام والغذاء.

قد يهمك: 

• أهم نصائح الاستثمار في تركيا
• التملك العقاري في تركيا والحصول على الجنسية التركية
• تأثير الإنتخابات التركية على الإقتصاد التركي